ومن هذه المحاولات: الدعوة إلى استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية، فجملة مثل "كتب أحمد" تكتب هكذا: Kataba Ahmed. وهذه الدعوة تعتبر تجديدًا لدعوة مصطفى كمال الذي أحل الحروف اللاتينية محل الحروف العربية التي كانت تكتب بها "اللغة التركية".
ومن هذه المحاولات كما أشرنا الدعوة المفضوحة إلى إحلال العامية محل العربية الفصيحة. ومن عجب أن أشهر الذين دعوا إلى ذلك مهندس ري إنجليزي وفد إلى مصر سنة 1883 في أول عهد الاحتلال البريطاني لمصر، واسمه "وليم ولكوكس"، وذلك في محاضرة ألقاها في "نادي الأ**كية" سنة 1893 عنوانها "لماذا لمْ توجد قوة الاختراع لدى المصريين إلى الآن"؟ وأرجع عجز المصريين عن الاختراع إلى استخدامهم العربية الفصيحة، وهي في رأيه لغة صعبة جامدة.
وفي سنة 1926 نشرت على نطاق واسع رسالة بالإنجليزية عنوانها "سورية ومصر وشمال إفريقية ومالطة تتكلم البونية لا العربية". ولا يتسع المقام لعرض تفاصيل هذا الادعاء الكاذب، ولكنه يخْلص في النهاية إلى القول بأن إحلال العامية محل الفصيحة هو الكفيل بالقضاء على تخلف المصريين، وكسلهم العقلي.
وقد تبنى دعوة "ولكوكس" عدد من العرب والمصريين من أشهرهم سلامة موسى.
ومن هذه الدعوات كذلك الدعوة إلى إلغاء القواعد النحوية، والاعتماد على تسكين أواخر الكلمات، حرصًا على تيسير العربية وتحقيق فهمها بسهولة كما يدعون . وقد تكفل عدد كبير من علماء اللغة بنقض هذه الدعاوى وتفنيدها، ومن هؤلاء الدكتورة نفوسة زكريا في كتابها القيم: "تاريخ الدعوة إلى العامية".
وإذا كانت هذه الأصوات المنكرة قد عجزت عن تحقيق أهدافها في صورتها الكلية، فإنها ولا شك قد حققت كثيرًا من هذه الأهداف عن طريق وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وقد اعترف بهذه الحقيقة المرة بعض الكبار مسؤولي الإعلام، ووقفت جهودهم للأسف عند حد الاعتراف.. دون اتخاذ خطوات عملية حاسمة للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة أو الحد منها.
ومن يستطيع أن ينكر أن كثيراً من اللقاءات والحوارات التي تقدم في الإذاعة والتلفاز تدور بالعامية حتى مع المثقفين، فإذا ما تم الأداء التعبيري باللغة الفصيحة فإن بعض الألفاظ والقوالب العامية لابد أن تطل برأسها من خلال هذا الحوار الفصيح بين الحين والحين.
فإذا ما تركنا هذا المأخذ جانباً رأينا من المذيعين والمذيعات متفوقين ومتفوقات في الجهل بأبسط قواعد اللغة العربية مثل "همزة الوصل" و"همزة القطع"، وهي من معلومات المرحلة الابتدائية، مع الحرص المخزي على الفصل بين المضاف والمضاف إليه. وبين الجار والمجرور في العبارة المنطوقة، فأصبح من الأمور العادية أن تلطم بمثل العبارة الآتية: وقد قام فريق ألكره أَلأٍسباني بجوله في ألقاهرة..
أما "الصاد" فقد طردتها "السين"، واحتلت مكانها: فيقال: سدَّأني، بدلا من "صَدًّقني"، وأخذت "السين" كذلك مكان "الثاء"، فيقال "السعالب" بدلاً من "الثعالب". و"الزاي" مكان "الذال" فيقال "زهب ولم يعد"، بدلاً من "ذهب..".
ونكتفي بهذا القليل من أخطاء الإذاعيين والتلفازيين فهي أغزر من أن تحصى.
والحديث عن أخطاء الصحف يعد حديثاً مكرراً معاداً، لأن هذه الأخطاء تعد انعكاساً صادقاً لضعف مستوى المصححين، بل ضعف مستوى التعليم في أقسام اللغة العربية بالكليات والجامعات المختلفة. وأقدم للقارئ بعض الأخطاء الواضحة في عدد واحد من أكبر صحفنا وأشهرها وأوسعها انتشاراً، وهي "الأهرام" عدد يوم الجمعة (9من ذي الحجة 1414 20 من مايو 1994).
فمن أخطاء الإعلانات:
1 ادفع واستلم فوراً (ص8) والصحيح: وتسلم فوراً.
2 أمين عام لجنة الإغاثة (ص9). والصحيح: الأمين العام للجنة الإغاثة (لأنه لا يفصل بين المضاف والمضاف إليه إلا شذوذاً).
3 فلان أستاذ مساعد أمراض النساء والولادة (ص9). والصواب: الأستاذ المساعد لأمراض.. (للسبب نفسه).
4 مساحة 2 فدان ليس عليها مباني (ص10). والصواب: مساحة فدانين، ليس عليها مبانٍ..
5 والمطلوب مؤهل عالي.. (ص20). والصواب:.. عالٍ.
وفي صفحات الوفيات.. تتكرر عبارة: ينعي فلان فلاناً، للتعبير عن حزنه، وتعزية أهل الفقيد في فقيدهم، ومشاركتهم أحزانهم. كما نرى في العبارة الآتية في الصفحة الأخيرة من الأهرام:
"مجموعة شركات المهندس.. والمديرون وجميع العاملين ينعون الأستاذ..".
وهذا خطأ: لأن النّعْي والنَّعِيّ: هو: الإخبار بالموت، وهذا ما تكفل به أهل الميت في أحد الأيام السابقة. فيكون الصواب: مجموعة.. يشاطرون (أو يشاركون) أهل الفقيد أحزانهم في وفاة..
وعوداً على بدء أقول: إن ما قدمته يمثل "عينات" قليلة من "ركامات" كثيرة جداً من أخطاء وسائل الإعلام، والمفروض أن تكون هذه الوسائل عاملا ًمهماً جداً للنهوض باللغة العربية لا الإساءة إليها، وتقويضها.
ونقدي هذا لا ينفي أن هناك مذيعين ومذيعات على مستوى طيب من الأداء التعبيري السليم، ولكن نقطة الحبر الواحدة تشوه اللوحة الفنية الجميلة
منقووووووووووووول
هذا في مصر
وعندنا في السعودية أعتقد أننا في الهواء سوى .
جزاك الله خير
مشكورر
مشكورر
أخي الفاضل…ليس مصر والسعودية بل كل الدول العربية…في الهوا سوا..
انظر إلى اختلاف المفردات من قطر عربي للآخر: كما نشرته إحدى المجلات العربية:
في اليمن يقال:ذحين وذلحين،وفي دول الخليج العربي:هالحين (ودحّين)وفي مصر:دلوقت ودلوقيت.وفي دول الشام:هلّ..وفي السودان(هالسع..إضافة إلى مفردات أخرى تستخدم هنا وهناك مثل..هالحزة وهالتو دل لحظة(بكسر الدال)…وكلها للدلالة على كلمة (الآن) ؟؟؟؟؟
و هكذا…… لو استمر العرب على تلك اللهجات سنحتاج إلى ترجمان لكي يفهم بعضنا البعض.!!!!!!!!!!!!!!!!!
حقّا:ماأجمل الحسناء(لغتنا العربية) وافية قادرة سامية..
شكرا جزيلا أخي(بتاع كله) على المعلومات المفيدة..جزيت خيرا في الدنيا والآخرة.