تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » أنا الرئيس بلا منافس ! بقلم محمود الجوهري

أنا الرئيس بلا منافس ! بقلم محمود الجوهري

نعم أنا الرئيس بلا منافس! .. فقد نصبت نفسي رئيسا على أفراد أسرتي .. وصنعت الدستور بمفردي ..ألقي أوامري عليهم فإذا هم مطيعين ..أرسم لهم الطريق وعليهم السير المستقيم.. أوامري قانون لهم.. خسر من لم ينفذه وعوقب العقاب الوخيم !.. والعقاب في يدي أنا لمن لم يطيع …أنا لا أسمع ولكني أُسمع .. فأنا السيد وهم العبيد .. أنا الذي أملك الميزانية وأحدد الرواتب .. أتولى الخصومات وأيضا أتولى صرف العلاوات..أستخدم الأسلحة المحرمة شرعا

فأضرب الوجه وأهين النفس ولا أبالي ..والويل كل الويل لمن يجرؤ ويعترض.. لكن الأيام تتوالى.. تتعقبها الشهور والسنين ..فإذا بالضعف يدب في جسمي فأخطو خطوة وأقع الثانية ..نظرت إلي رعيتي وأنا على الأرض ممددا .. فجرت مسرعة لإنقاذي فأعانتني على الوقوف .. وذات يوم أغضبني أحد أفراد رعيتي وهو الكبير سنا وحجما ! .عندما أخبرني أن أخيه الأصغررفض الذهاب إلى المدرسة ..فأمرته بإنزال أقصى العقوبة على أخيه الأصغر لكثرة غيابه..فأراد أن يدافع عنه موضحا أسباب الغياب .. فقال لي: لا أستطيع ضربه ..وما أن انتهى من جملته حتى ضربته بالسلاح المحرم شرعا ..الكف على وجهه..

فإذا بأخيه الأصغر صارخا في وجهي : أنت ظالم ..ظالم.. وأخذ يتلو على مسمعي ما يلي : إني أغيب عن المدرسة لأن أمي يعاودها المرض ..فأبقى معها إن لم أكن أداويها ..فأدعو لها ربي ..لقد أمرضتها واحتفظت بالمال لصحتك وتحقيق ملزاتك ! ولم تقف عند ذلك بل عاقبتها وأهنتها أمامنا والخوف منك كان قفل على أفواهنا ,وامتنعت عن سماع أمي رغم أن لديها حسن المشورة ..فهي أكثر قربا منا ..تدرك مشاكلنا وتساهم في حلولها وأنت ..أنت دكتاتور في هذا البيت ..نعم أنت دكتاتور.. ظالم ..وضعت الدستور لوحدك ووضعت نفسك المعدل والمشرع والمعاقب .. نحن لسنا عبيدك .. نحن لسنا عبيدك ..أحمر وجهي من شدة تدافع الدم في عروقي غضبا وبنفس السلاح المحرم ضربته طلقة واحدة قوية على وجهه أرادته أرضا مغشيا عليه ..فتجمعت فجأة أفراد رعيتي أمامي كأنها براكين انفجرت من الأرض دفعة واحدة ..فإذا بنفس السلاح المحرم شرعا يوجهه إلي وجهي الابن الأكبر ومن بعده باقي أفراد رعيتي.. حاولت الأم التهدئة لكن هيهات أن تسمع أذانهم فقد أصابتها حالة من الصمم ..أخذوا يشعلون النيران من حولي فحاولت النهوض متوجها نحو الباب فوقعت على انفي فاشتد الألم بها فإذا بالوسادة التي كنت أنام فوقها قد زحزحت من تحت رأسي وأحسست بكف زوجتي الحبيبة تحاول إعادتها ..لكني أبيت أن أعود إلى النوم مرة أخرى حتى أعلن توبتي أمام ربي عما أقترفته من الذنوب في حقهم وأعلنت أمامهم أن الدستور الجديد ليس من صنعي أنا .. بل هو من عند ربي كتاب الله الذي أخذت أتلو منه على مسامعهم (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.