أما ملاءمة العظام لما خلقت له ، فهذا أمر عجيب . فعظام الجمجمة مثلاً التي تحمي المخ نراها صلابة وأكثر سماكة في الأماكن التي تتعرض للخطر أكثر ، و كلما كان العظم لحماية أنسجة أرض و أدق ، كان العظم أمتن و متحورا بما يحافظ على الأنسجة محافظة تامة ، فهو يتكون من مادة صلبة خارجية ، ومادة هشة رقيقة داخلية لتكون أكثر رقة على ما تحفظه بداخلها من أنسجة و لفقرات الظهر غشاء غضروفي يحميها من الكسر عند تصادمها و شوكة من الخلف لتكون وقاية بارزة لها تتلقى الصدمات فلا تصل للفقرات ، وجناحان عن اليمين و اليسار لوقايتها من جوانبها ، و قد ربطت كلها برباطات عصبية عراض مثبتة فتصير كانها قطعة واحدة …. و عند تلاقي عظمة بأخرى يتواءم مكان الاتصال بما يساعد على الحركة في كل الاتجاهات . فالعظمة التي نهايتها مقعرة مثلا تقابلها عظمة تبدأ مسحوبة بأقطار متساوية وزوايا متلاقية .
و يقول الدكتور جودستون هريك في محاضرة ألقاها في معهد التاريخ بنيويورك في ديسمبر 1957 عن كل تصور أو خيال . فلو جمعنا كل ما في العالم من أجهزة التلغراف و التلفون و الرادار و التلفزيون و استطعنا أن نحولها جميعها إلى قطعة صغيرة بحجم الدماغ فإنها لا تبلغ في تعقيدها درجة دماغ الإنسان .
الجهاز الدوراني
يشمل الجهاز الدوراني الدم الذي يتكون من 25 – 30 ألف بليون خلية حمراء ، 50 بليون خلية بيضاء ، وكلها معلقة في سائل هو المصل الذي يحوي مواد زلالية ، و أحماضا ،و سكريات ، و دهوناً و فيه زيادة على ذلك أجسام مضادة للميكروبات تظهر خاص ، و هو مكون من أربع حجرات يفصلها حاجز رأسي يجعل كل اثنتين منها في جانب . و تسمى كل من الحجرتين العلويتين أذينا ، و السفليتين بطينا ، ويفصل الأذين عن البطين صمام ، ولا يزيد حجم القلب عن قبضة اليد و مع ذلك فإنه يبذل من النشاط في خلال 24 ساعة ما يكفي لحمل رجل 1250 قدما في الهواء ، و لا يزيد وزنه عن عشر أوقيات ، ونع ذلك فأن نبضه يدفع كمية من الدم تبلغ حوالي ثمانين مليون جالون في العام إذ يدفع الدم 3679 مرة في العام . و باقي الجهاز الدوري … الشرايين ، و هي أوعية مرنة قوية ، وظيفتها نقل الدم النقي من القلب إلى أجزاء ، ما عدا أوردة الرئة ، و الشعيرات و هي مجموعة دقيقة من الأوعية الدموية ، التي يتكون من تجمعها الشرايين و الأوردة . و عملية الجهاز الدوري من أسس الحياة في الإنسان ، فالدم الفاسد يعود إلي القلب بوريده إلى الأذين الأيمن ، و عندما يمتلىء يقبض فيدفع الدم إلى البطين الأيمن ، و منه بانقباضه يندفع الدم إلى الرئتين بالشريان الرئوي . و في الرئتين ينقي الدم بأخذ الأوكسجين ، و يتخلص من غاز ثاني أوكسيد الكربون السام ، ثم يعود الدم نقيا من الرئتين في الأوردة الرئوية إلى أذين القلب الأيسر ، و منه إلى البطين الأيسر قم إلى كافة أجزاء الجسم . و أعجب من هذه العملية ، أن للأوردة صمامات خاصة تمنع رجوع الدم في عكس اتجاه سيره مهما تغير وضع الإنسان ، و مهما تحرك حتى و لو انقلب وضع المرء و من أعجب ما يمكن ذلك في هذا الجهاز ، انه لو بسطت أوعية الدم الخاصة بالإنسان لبلغ طولها مائة ألف ميل .
و يشمل الجهاز الدوري غير ذلك الطحال تلك القطعة الصغيرة الحجم البيضاوية الشكل من الأنسجة و مجاري الدم و توجد خلف المعدة .. انه يقوم بجمع كريات الدم الحمراء التي ضعفت و يفتتها ليصنع منها كريات جديدة قوية كما أنه ينتج كريات دم بيضاء … و يضاعف من إنتاجه لمختلف كريات الدم عند حاجة الجسم إليها .