لأن القمة هي المكان الوحيد الذي لا يمكنُ أن يكون مزدحماً
ألا ترى كيف تزدحم البلاد بالآلاف من رجال القانون؟…
في شغله الشاغل بالتميز لم يكن لدى ذلك الشاب فسحةٌ للقلق أو الخوف من الزحام على السفوح…
و هكذا قال لأمه ببساطة عظيمة " و من قال لك يا أمي إنني أريد خوض الزحام؟ إنني أرنو إلى القمة يا أماه!
"والقمةُ لا يمكن أن تكونَ مزدحمةً أبداً…
مضت عقودٌ على ذلك الحوار… و إذا بالعالم كلِّه يرى ذلك الفتى يتابع تسلق القمة ليصبح أعظمَ قضاة بريطانيا في القرن العشرين وأحد أبرز الشخصيات في تاريخها القضائي كله…
لم يتوقف اللورد ديننغ عن طلب الامتياز لحظةً واحدةً خلال عمره المديد و خلال كلِّ مهماته الكثيرة المتنوعة. لقد كان يعرف أن المداومة على طلب الامتياز هي السبيل الوحيد للوصول إلى القمة و البقاء فيها.
الامتياز طريقة حياة و ليسَ طفرةً مؤقتة و لا فرصةً مفاجئة:
لقد كان اللورد ديننغ يعرف كما يعرف كل المتفوقين أحد أهم قوانين الخالق عزَّ و جلَّ في الوجود. إنه القانون الذي يقضي بقيادة الأكثرية من قبل أقلية متميزة، و لا يغيّر في هذا القانون تبدّلُ الأوقات و الأماكن و الظروف.
بسبب هذا القانون لا نرى للشركة الواحدة إلاَّ مديراً واحداً،
و لا نرى للبلد الواحد سوى قائدٍ واحد. و بسبب هذا القانون نرى العدد القليل جداً من الطلبة المتفوقين، ثمَّ نرى أن من يصل من هؤلاء إلى الذروة في ميادين العمل و الحياة هم نخبةٌ من النخبة و أقلية من الأقلية…
إنَّ الامتياز ليسَ موقعاً ثابتاً يمكنُ الاطمئنانُ فيه،
و هو ليسَ صندوقَ كنزٍ يمكنُ للمتعثرين به أن يطفوا طويلاً على سطح الوجود… كلا بل إنه مسيرةٌ دائمةٌ دوامَ الحياة و جائزةٌ يتواصلُ السعي إليها و الفوز بها في كلِّ دقيقةٍ من دقائق العمر. و لعلَّ البرهانَ الأوضح على هذه الحقيقة هو ما يسجله التاريخ القديم و الحديث من أفول نجومٍ لم يكن أحدٌ يشك في مقدرتهم على متابعة الارتقاء إلى القمة و البقاء فيها.
المثابرة على الامتياز هيَ مكافأةٌ بحدِّ ذاتها مثلما أنّ العازف المتقنَ يكافئ نفسه بنفسه قبل تصفيق الجمهور:
إنَّ كلَّ من تملؤه روحُ الامتياز يمتلك رؤيةً واضحةً لغايته في الحياة و لا يكادُ يضيع شيئاً من لحظات عمره على التوافه أو على المشاريع الجانبية التي لا ترتبط بهدفه الأسمى. إنه يملأ العمر بتجميع المعارف و الركائز اللازمة لتحقيق مقصده، ثمَّ تمده هذه الروح بالاندفاع و المقدرة على تجاوز الأقران و عدم الركون إلى أيِّ درجةٍ من الجودة و الإتقان و الكفاءة مهما كانت.
كلُّ لحظةٍ يقضيها الإنسان في طلب الامتياز
هيَ لحظةٌ عظيمة لا تقدَّر بثمن لأنه يعلمُ أن الله عز و جلّ قد يقبضه إليه في أيِّ وقت، و عندئذٍ سيكونُ مستعداً لذلك الموعد و مطمئناً إلى أنه سيقدمُ كشف حسابٍ مشرفاً يبيّن أين أمضى كلَّ لحظةٍ من شبابه و عمره و كيف أنفقَ كلَّ ذرَّة من معرفته و طاقاته…
• كلماتٌ مختصرة تفسرُ تفوُّق الممتازين على من حولهم دوماً و لو بمقدارٍ طفيف…
إنهم يقومون بما يقوم به من حولهم و يزيدون عليه دوماً -و لو زيادةً طفيفةً- في المقدار و النوعية.
• الامتياز هو أن تهتمَّ اهتماماً يراه الآخرون يتجاوز الكفاية،
و أن تخاطر مخاطرةً يراها الآخرون تتجاوز السلامة، و أن تحلِّق بأحلامك إلى ارتفاعاتٍ يراها الآخرون خيالاً، و أن تتطلَّبَ ما يراه الآخرون مستحيلاً…
• الامتياز فنٌ يُكتسب بالتمرّن و الاعتياد…
إننا لا نتصرف بطريقةٍ ممتازة لأننا الأرقى و الأفضل أو لأن أخلاقنا أرفع، بل إننا نكتسب الفضيلة و الأخلاق الرفيعة عندما نتصرف بطريقة ممتازة. إن ما نقوم به – نحن البشر- هو ما يحدد هويتنا. و هكذا فإن الامتياز هو طبيعة أو عادة و ليس عملاً يملى علينا أو نشتهيه مؤقتاً.
• السعي الدائم في سبيل الامتياز يحفز النفس، و أما طلب الكمال المطلق فهو تحطيمٌ للمعنويات…
• إذا لم تقم بعملك قياماً ممتازاً فلا تقم به أبداً…
لأنه إذا لم يكن ممتازاً فإنه لن يكونَ مربحاً على المدى الطويل و لن تجدَ متعةً في القيام به، و إذا لم تكن في عالم الأعمال لأجل الربح أو لأجل المتعة فإنني أستغربُ حقاً… فيمَ بقاؤك في هذا المجال حتى الآن؟!…
• إذا كنت تؤدي أداءً جيداً فاجعله أجود… كن جسوراً…
كن الأول… كن مختلفاً… و كن منصفاً في تقديرك.
• إن كلَّ من يتقبَّل المقبول و ليس الأفضل،
في المدرسة، أو الوظيفة، أو في أيِّ شأنٍ من شؤون الحياة إنَّما يتنازلُ مرةً بعد مرة…
وعندما يتنازل قائد المؤسسة فإن المؤسسة كلَّها ستتنازل.
• إذا أردت تحقيق الامتياز في الأمور العظيمة فإن
عليك أن تتعودَ القيام بالأمور الصغيرة قياماً ممتازاً، لأن الامتياز ليس استثناءً و إنما هو موقفٌ ثابت
عالم الابداع
وأثابك على جهدك المبارك