فرط الاستثارة الانتقائية
تستخدم عبارة فرط الإستثارة الانتقائية المثير لوصف ظاهرة يركز فيها شخص على جانب واحد لشيء أو محيط بينما يتجاهل الجوانب الأخرى . ويبدو أن العديد من الأشخاص المتوحدين لديهم هذه الرؤية الضيقة . وقد وصفت هذه الظاهرة أولاً سنة 1971 من قبل (لوفاس ، شريبمان ، كوغيل وريهم في U.C.L.A. ).
تحتوى الأعمال البسيطة حول التوحد على العديد من القصص عن كيفية تركيز الأطفال المتوحدين على شئ ما أو على جانب واحد من شئ بينما لا ينظرون إلى الجوانب الأخرى للوسط المحيط بهم . ويشير بعض المختصين أن هذا هو السبب في شكك الأبوين في أن طفلهما أصم ، ويقوم الأبوان أحيانا بفحص سمع طفلهما بطرق أباريق وأدوات القلي خلف ظهر طفلهما ولا يرد الطفل على هذا الصوت غير المتوقع . وعلى كل حال ، وفي مواضيع مختلفة يتضح أن هؤلاء الأطفال يستطيعون السمع كما في الحالة التي يكون فيها الطفل قريبا عندما يفتح والده غلاف حلوى .
أختبـر الدكتـور / لوفـاس ايه آل أولا هـذا المفهـوم الخـاص بفـرط الانتقائيـة المثيـر لـدى الأطفـال المتوحدين بأن أمر كل طفل بالضغط على ذراع رافعة مع عرض مثيرات مختلفة في نفـس الوقت (نور وصوت وليس على سبيل المثال) . وعندما ضغـط الطفـل علـى الـذراع الرافعة أعطى قطعة حلوى مكافأة له . وتـم عـرض الجوانـب الثلاثـة للمثير المركب في حالة اختيار كل على حده لاحقا . وكانـت النتائـج أن الأطفـال ضغطـوا علـى الذراع الرافعة عند عرض مثير واحد فقط مـن المثيـرات الثلاثـة . فمثـلا يضغـط طفـل علـى الـذراع الرافعة عند عرض النـور ولكنـه لا يضغط عليه عند عرض الصوت وحده ولا عند عرض اللمس وحده . وزعـم الدكتـور / لوفاس وزملاؤه أن الطفل التوحدي أنتبه خلال المرحلة الأولي من التعليـم علـى واحـد فقـط مـن الجوانـب الثلاثة للمثير المركب أكثر من الجوانب الثلاثة جميعها .
إن فكرة الاستجابة لجانب واحد فقط من عدة جوانب أو أبعاد لشيء ما قد تجعل من الصعب على الطفل التوحدي معرفة عالمه . فمثلاً إذا تم تعليم طفل كيف يفرق بين شوكة وملعقة فإن الطفل قد ينتبه أو يركز على اللون (وهو جانب بارز جداً) أكثر من تركيزه على الشكل . وفي هذه الحالة سيجد الطفل صعوبة كبيرة عند محاولة تحديد ما هي الأداة النافعة للاستخدام . إننا لا نعرف سبب وجود هذه الرؤية الضيقة لدى الأفراد التوحديين . وتنص إحدى النظريات أن هؤلاء الأفراد ولدوا مع تركيز كثير جدا ونتيجة لذلك يكون مـن الصعـب عليهم زيادة أو توسيع نطاق انتباههم . وتقول نظرية أخرى إن هؤلاء الأفراد لا يمكنهم المتابعـة أو الانتبـاه للوسط المحيط بهم كاملا لأنـه قـد يكـون مربكـا كأن يؤدي للإثارة المفرطـة . ونتيجـة لذلـك قـد يحاولـون تبسيط حياتهم بالتركيز على جزء صغير فقط من عالمهم الآثـار حيث يبدو أن العديد من الأفـراد التوحديين يظهرون فـرط الإستثارة الانتقائية و مـن المهم مساعدتهـم فـي توجيـه انتباههـم للجوانـب ذات الصلـة لشـيء ما أو الوسـط المحيـط بهـم . فمثـلاً عنـد تعليـم طفل توحدي اختيـار تفاحـة من كيـس يحتـوي علـى تفـاح وبرتقـال يجـب أن يعلم الطفل الانتبـاه للون والمـادة . وفي المقابل عند تعليم الطفـل العثـور علـى سيـارة العائلة مـن بيـن السيـارات الموجـودة فـي الموقـف ينبغـي على الطفل أن يوجه انتباهه للون والشكل .
النظام الحوفي (Limbic System) وعلاقته بالتوحد
مضت عشر سنوات و بدأت طرق الأبحاث تكشف عن تلف الأعصاب لدى الأفراد التوحديين ، وأحد أهم النتائج توضح خللا محددا في النظام الحوفي خاصة في منطقة اللوزة وقرن آمون في الدماغ ، والعديد من هذه الأبحاث أجرتها الدكتورة مارجريت بومان من قسم الأعصاب في مدرسة هارفارد الطبية و الدكتور ثوماس كيمبر من قسم تشريح الأعصاب في جامعة بوسطن للطب حيث أفادوا أن الأعصاب محملة على نحو مفرط في منطقة اللوزة وقرن آمون في الدماغ بالنسبة للأشخاص المصابين بالتوحد ، اضافة الى ملاحظتهم أن هذه الأعصاب أصغر من أعصاب الأشخاص الطبيعيين . ونحن لا نعرف حتى هذا الوقت ماهي مسببات هذا التلف العصبي في هاتين المنطقتين وعلى أية حال يظهر أن التلف يحدث في مرحلة النمو قبل الولادة .
اذا هل يمكن للتلف في منطقة اللوزة وقرن آمون في الدماغ أن يفسر بعض السلوكيات التي يقوم بها الأطفال والكبار التوحديون ؟
يقول الدكتور ستيفن أديلسون : نحن نستطيع أن نتأمل في الوقت الحاضر ولكن من المشوق أن نضع نظريات عن الربط أو علاقة التلف في النظام الحوفي والصفات المميزة للعديد من التوحديين , ومانعرفه من هذه السلوكيات المصاحبة لمنطقة اللوزة وقرن آمون في الدماغ هو مأخوذ من الأبحاث الحيوانية . منطقة اللوزة ذات شكل بيذاني في الدماغ تتحكم في الانفعال والعدوانية . العديد من الأفراد التوحديين عدوانيون تجاه أنفسهم أو الآخرين أو بالعكس عديمو الانفعال بالاضافة الى الأطفال والكبار التوحديين عادة ما يظهرون قليلي العواطف والاحساس على الرغم من أن لديهم احساس ع على نحو واضح .
أوضحت الاختبارات والتجارب أنه عندما تزال أوتتلف اللوزة في الحيوانات فانها تستعرض سلوكيات شبيهة بسلوكيات الأفراد المصابين بالتوحد مثل الانعزال الاجتماعي و السلوكيات الملزمة والفشل في التعلم عن المواقف الخطرة وصعوبة في استرجاع المعلومات من الذاكرة وصعوبة في التأقلم مع الأحداث غير المألوفة أو المواقف . بالاضافة الى أن منطقة اللوزة مسؤولة عن الاستثارة للعديد من الحواس مثل الأصوات والبصر والشم .. أيضا الاستثارة العاطفية أو التنبيه بالخوف . نحن نعلم أن الأفراد التوحديين عادة لديهم مشاكل في هذه الحواس . والمدهش في الأمر أن الطفلة التوحدية جورجي التي أخبرت عنها أمها في كتاب Sound Of Miracle)) كانت دائما تخاف من الأصوات قبل أن تتلقى تدريب التدخل السمعي من قبل الدكتور حاي بيرارد .
قرن آمون في الدماغ يبدو أنه المسئول الأول عن التعلم والذاكرة . كما أن تلف أو ازالة قرن آمون في الدماغ سوف يؤدي الى عدم القدرة على تخزين المعلومات الجديدة في الذاكرة وهذا متفق مع نظرية الدكتور بيرنارد ريملاند عن التوحد في كتابه ( Infantile Autism ) في عام 1964م ، حيث وضع الدكتور ريملاند نظرية نصها : أن الأطفال التوحديين لديهم صعوبات في ربط المعلومات الجديدة بالمعلومات المخزنة بالذاكرة بالاضافة عندما يتلف أو يستأصل قرن آمون في الحيوانات تستعرض هذه الحيوانات سلوكيات متكررة وسلوك الاستثارة الذاتية والنشاط المفرط . وعلى الرغم من أننا نستطيع التأمل عن العلاقة بين النظام الحوفي وسلوكيات التوحد الاّ أنه يجب أن نكون حذرين لأن الكثير مما يعرفه العلماء هو من التجارب التي تمت على الحيوانات والتي تم اتلاف اجزاء من النظام الحوفي لديها ، اما بالنسبة للتوحديين فيجب علينا أن نكون حذرين في الاستنتاج من هذه الحقائق وعلى أية حال التوافق بين السلوكيات نظر اليه في التوحد.
جزاك الله خير وكثر الله من امثالك
تربوي خاص
بارك الله فيك
شكرا على حسن متابعتك
حفظك الله