يقضي طفل سعودي معاق في التاسعة من عمره جميع احتياجاته وهواياته من خلال تطويع قدميه تعويضا عن يديه المبتورتين منذ الولادة. وكان الطفل محمد الفايدي قد اختار الأقلام لتدريب أصابع قدميه والسيطرة عليها منذ فترة, نظرا لموهبته في الرسم التي ظهرت للمرة الأولى بعد التحاقه بمدرسة متخصصة بذوي الاحتياجات الخاصة.
ويقول محمد لـ"الوطن" إنه يحب رسم البحر والسفن أو البيت والسيارة وكل الأشياء التي تلفت نظره خاصة المناظر الطبيعية منها. كما أنه كما يقول لا يخاف امتطاء الحصان الذي اعتاد أن يسير به مسافات طويلة إلى جانب حبه للسباحة. ويضيف "أجيد استخدام أي شيء في المنزل بقدمي حتى جهاز الهاتف المحمول أستطيع أن أدير الرقم والتحدث بكل يسر".
ومن جهته يشير والد الفايدي إلى أن ابنه في بداية الأمر كان يتضايق أثناء اللعب مع إخوته ورفاقه، إلا أنه اليوم بات شجاعاً إلى درجة يبدو فيها أقوى منهم. ويقول "هو متفوق في دراسته, وتقديره ممتاز دائما, كما أنه يحلم بأن يصبح كابتن طائرة في المستقبل ولهذا نراه يبذل جهدا ملحوظا في تعلم الرياضيات واللغة الإنجليزية بشكل خاص.
ويفسر المختصون أن ما وصل إليه الطفل محمد لم يكن وليد الصدفة بل جاء بفضل الرعاية التي حصل عليها من عائلته ومحيطه حيث نمت مواهبه وتخلى هو عن الخوف.
وأكد يوهان سنيدرز اختصاصي الأطراف الصناعية في مدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية أن محمد "سيتمكن في وقت قريب من استخدام الذراعين الإلكترونيتين اللتين سيتم تركيبهما له تباعاً، وبعدها سيكون بوسعه حمل سلة التسوق وتناول المعروضات من الرفوف لوضعها في السلة".
تأكيدات سيندرز تأتي بعدما قيم الأطباء وضعه الطبي فكان القرار بتركيب جهاز إلكتروني في ذراعه الأيسر وهو عبارة عن شبكة موجات كهربائية تؤثر على العضلات لتولد الحركة. وعن آلية عملها يقول "الأعصاب والعضلات موصولة إلى آخر جزء من أطرافه وبمجرد تفكيره بتحريك يده تبدأ المعلومات بإعطاء إشارات للأعصاب آمرة العضلات بالحركة كما في الأحوال العادية". وبدأ تركيب الجهاز لمحمد وتدريبه على استخدامه من خلال تعليمه كيفية التفكير بتحريك يده تلقائياً.
وستكون اليد الأخرى التي ستركب لمحمد عادية إلى أن يتعود على استخدام اليد الإلكترونية بشكل صحيح وعندها ستستبدل اليد العادية بيد إلكترونية ثانية. وكلتا اليدين تتميزان بالمفاصل القابلة للثني، ويقول الاختصاصي سيدرز إن الذراعين الجديدتين مصنوعتان من مادة "الفايبر" وهما من نفس لون جلده الأساسي، لكن مفاصل الأصابع لن تكون متحركة ومع ذلك سيتمكن محمد من التحكم بذراعيه جيداً". وتبقى النقطة المزعجة الوحيدة أن محمد لن يستطيع النوم بهاتين الذراعين بل سيتعلم كيفية فكها وتركيبها.
وأكد محمد أنه سيستمر في الرسم بقدميه حتى ولو تم تركيب الذراعين الجديدين له، لكنه عاد واعتبر أن الأمر يستحق المحاولة، فالموهبة التي حاولت الإعاقة إخفاءها، جعلته يأبى استبدالها على الرغم من أن روح الإبداع ستظل ترافقه متحدية بقوة.