تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » لنعمل على حماية الأسرة من الاضطرابات

لنعمل على حماية الأسرة من الاضطرابات

  • بواسطة

إن صالح المدرسة والمنزل امران متلازمان من خلاله في تهذيب الأبناء. الأسرة نواة هذا المجتمع فهي المؤسسة الاجتماعية القادرة على احتواء الأبناء، وهي الاسرة المسرح الذي يُمارس من خلاله عملية الإعداد الأول للمرحلة التعليمية والمسؤولية الاجتماعية! إذ تقوم الأسرة على أرقى نظام هيكلي وظيفي من خلال توزيع الأدوار بين أعضائها.
حيث يعتبر الأب هو الوسيط الذي يتمحور حوله الابناء باعتباره رمز السلطة، وهو المورث الحقيقي للأنا العليا (الضمير) حيث تنمو هذه السلطة في نفوس الابناء من خلال المحاكاة والتقليد لتتوحد به، ويتشرب الأبناء المثل العليا التي يعتنقها الأب فتكون نبراساً يضيء لهم طريق حياتهم السعيدة.
كذلك الأم هي منبع الدفء ومصدر الرضا والمجال الأرحب للاستمتاع بالحياة العامة والخاصة للأبناء وقت طفولتهم وشبابهم.
العلاقة الفنية الملائمة وراء نمو الطفل وتوافقه النفسي
إن التفاعل بين الاخوة داخل الأسرة هو المحصلة التي تشربها الأبناء من الآباء والأمهات على السواء إذ يمارس من خلالهم هذا التفاعل في إفضاء المشاعر وتبادل العواطف ومن خلاله يستطيع الابن ان يقدم نفسه للمجتمع ليتعلم الحياة الاجتماعية ذات العلاقة المتقدمة الخالية من العنف.
إن هذه الهيكلية يجب ان تبنى من خلال مصدر الدفء والسلطة ليحدث القبول والتفاعل بين أفراد الأسرة لينمو الانتماء من خلال العلاقة الجيدة وعليه نحن كمجتمع نحاول ان نقاضي كل الظواهر التي قد تعيق مسيرة الأسرة.
كما أن وجود المعلم الناجح والمربي الموجه في حياة الأبناء باعتبار ان دور المدرسة يعتبر مكملاً لدور الأسرة حيث يتشرب الأبناء القيم من مدرسيهم ليكملوا بناء الأنا الأعلى (الضمير) فلو كان هناك خلل في الأسرة كغياب الأب مثلا فإن المعلم بإمكانه أن يقوم بدور الأب ليعالج النقص الموجود في الأسرة.
إن علينا مسؤولية تجاه المجتمع وتجاه الأسرة، إن واحدا من تلك الظواهر التي تعيق نمو الأسرة هو اختلاط الأدوار بحيث يحتل الابن دور الأب ليصبح مصدراً للسلطة في حالة فشله في المواقف الحرجة حيث يفشل في تحقيق بناء الثقة أو ممارسة مصالح خارج مطالب أعضاء الأسرة.
وكذلك الأخت التي تمارس دور الأم دون ممارسة الأمومة من داخلها ان هذا الاضطراب الهيكلي ربما يمتد الى اعظم من ذلك، وخاصة في تلك الأسر المضطربة.
فمثلاً دخول قيم الأسرة في صراع مع مشكلات المخدرات أو دخول السجن فإن الزوجة ربما تتسامى في أدوارها إلى مصدر سلطوي ذكوري وتمارس دور الزوج في المنزل فتتحول خلال ممارسة الدور من مصدر الدفء للأبناء الى المواجهة وعليه قد يضطر بعض الأبناء مقاومة هذا الدور السلطوي ليخرج من نظام الأسرة، خاصة إذا ما عرفنا إن الأبناء يتحركون نحو اكتساب المكانة الاجتماعية من خلال الطبيعة البشرية وقدتصبح مضطربة إذ لم يوجد من يقوم بتقديمهم للمجتمع ومن عواقب اضطراب الأدوار قد تصبح انتكاسات الأب مصدرها الزوجة نتيجة لممارسة الدور إشباعاً لنرجسيتها المتمحورة حول ذاتها.
وكما ذكرت أن على المدرسة دور يتعاظم بقدر مسؤوليتها التربوية فهي المؤسسة التربوية التي يقوم على عاتقها عملية التنشئة الاجتماعية حيث المعلم هو مصدر القيمة.
انني أؤكد ان على المجتمع من خلال مؤسساته ان يمارس المجال التوعوي والدعوي للحفاظ على الأسرة لدفع عطائها في صالح المجتمع.
ان ما يعانيه كثير من شبابنا في الخروج على نظام المجتمع في تعاطي المخدرات أو ممارسة سلوك منحرف إنما هو نتيجة الى اضطراب الأسرة وعدم قدرتها على احتوائها وعجز المدرسة عن ممارسة صلاحياتها لعدم قدرتها على صناعة القدوة التي تتمحور حول الشخصية السوية.
إننا نستطيع كمؤسسة تربوية أن نقيهم بعض السلوكيات السلبية من خلال إنشاء الدفء بين الأبناء لنقيهم من الكذب الناتج عن القلق الذي يشعر به من خلال التهديد القائم داخل الأسرة من خلال اضطراب الأسرة من الداخل. نعم انهم ينكرون كل المشاكل التي تحيط بهم فلذلك يلجؤون إلى الإنكار كسلاح ضد التهديد.
ان الاستبصار بمشاكل الأسرة سوف يعزز من كيانها ان على المدرسة دور كبير في الحفاظ على الأسرة.

لاشك بان الاسرة هي المجتمع الصغير الذي يسلم الى المجتمع الكبير فاذا كانت هذه الاسرة الصغيرة المكونة من الابوين والاطفال او احد الابوين واعية بدورها التربوي في الحياة ،ولديها القدرة لفهم طبيعة الابناء واحتياجاتهم واثر المتغيرات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية على حياة الابن او البنت..
ولها من الامكانيات ما يساعدها على خلق افراد اسرة اسوياء ، فان النتائج ستكون سارة ومفيدة…اما اذا كانت الاسرة على غير ذلك فانها سوف تكون امام مشكلة الانحراف..بسبب جهل الوالدين او احدهما بالقيم التربوية والثقافية…
فاغلب المنحرفين ينحدرون من اسر مفككة ، فالطلاق او التسيب او القسوة ، وسوء المعاملة والقدوة السيئة..او وجود التفاضل بين افراد الاسرة،والعسف والاهمال العائلي،زواج الاب من جديد، او هجر احد الوالدين الاخر..الامر الذي يدفع الابن الى التوتر والقلق والخوف0
ان الصحة النفسية هي التي تحدد نجاح الابناء في الحياة او فشلهم0
لابد ان يضع الاباء والامهات انفسهم موضع ابناءهم،ليتسنى لهم ان يروا الامور من وجهات نظرهم…حتى يدركوا احوالهم النفسية،وينفذوا الى مشاعرهم واحاسيسهم،ويعرفوا حاجاتهم،ويحسوا بآلامهم ومتاعبهم،
فاهمال تربيتهم والانشغال عنهم وعن مشاكلهم،يجعلهم ضعيفي الانشغال بهموم مجتمعهم،ووطنهم،وضعيفي الانتماء لهذه الامة0
فالابناء لابد وان يترعرعون في جو اسري قوي متماسك،حتى يدرك غاية وجوده،ويحقق ذاته،والا فان التصدع الاسري سوف يجره الى للهلاك…ويجرفه للانحراف..ويقوده للاجرام..والجنون..اذا ما سيطرت عليه شهواته،فيفقد اخلاقياته وينحرف الى ادنى مراتب الانحطاط،بسبب انتمائه لعائلة مفككة اجتماعيا،متدهورة اخلاقيا،فالاسلام يسعى دوما الى ايجاد حالة من التوازن بين الفرد والمجتمع،لابرار كيانه المترابط،تلتقي عنده الافكار والاهداف والمشاعر…وتتآلف وتترابط ليتكون منها كيان متكامل سليم.واذا ما تفككت عرى الاسرة،وتطرق اليها الفساد،فان الضحية هم الابناء..وعلى قدر صلاح المحيط الاسري…يتوقف صلاح الابناء..واستقامة سلوكهم..

الفاضل ابو لمى…

جزيت خيرا على هذا الموضوع الرائع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.